التصنيفاتالاستثمار

التحليل الفني والإدراك المتأخر

أعتمد بعض الأحيان على بعض مؤشرات التحليل الفني عند اتخاذ قرارات استثمارية قصيرة الأجل، كالاعتماد على المتوسطات المتحركة ومؤشرات القوة النسبية لمحاولة معرفة الأوقات المناسبة لشراء بعض الأسهم التي أعتقد أنها تُباع بشكل مبالغ به، والعكس الصحيح بالنسبة لعمليات البيع على المدى القصير، إلا أنني أتساءل دائماً عن مدى هيمنة “انحيار الإدراك المتأخر” أو Hindsight Bias على التحليل الفني، خصوصاً في قراءة الرسوم البيانية، فغالباً ما يتم تحديد نوعية الأنماط السعرية Price Patterns والمستويات السعرية كالدعم Support والمقاومة Resistance بناء على التحركات السابقة لأسعار الأصول، أي أننا عند اتباع سياسات التحليل الفني القائمة على الرسوم البيانية بنسبة 100%، قد نقوم باستقراء المستقبل بناء على الأحداث السابقة Extrapolation، على أمل أن تتكرر هذه الأنماط السعرية في المستقبل. والجدير بالذكر أنها تُثبت صحتها في بعض الأحيان، ولكن ما الدليل القاطع على أن هذه التحركات كانت بناء على إشارات تتعلق بالتحليل الفني؟ فحتى لو تم تطبيق أكثر سياسات التحليل الفني تطوراً، لابد من الاعتراف أن حركة الأسعار عشوائية ولا يمكن التنبؤ بها Random Walk، استناداً إلى فرضية كفاءة الأسواق EMH، لذلك، هل تنجح استراتيجيات التحليل الفني مثل الأنماط السعرية ــ نمط الرأس والأكتاف، تسلسل فيبوناتشي .. إلخ. ــ بعض الأحيان بسبب قوتها الإحصائية في التنبؤ Predictive Power؟ أم أنها تنجح لأنها أصبحت تشكّل حواجز نفسية للمتداولين؟ بمعنى آخر، هل تنجح هذه السياسات بسبب تبني جزء كبير من المتداولين لها وليس العكس؟ أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال شبه مستحيلة، وفق المعطيات الموجودة الآن.

لاحظ الصورة التالية والتي تبين أشهر الأنماط السعرية في عالم التحليل الفني:

للوهلة الأولى، قد تبدو هذه الأنماط السعرية منطقية، وذلك لإنها اختيرت خصيصاً عندما اتبعت الأسعار هذه الأنماط، ولكن ماذا عن تحركات الأسعار التي تقع خارج الإطار الزمني لهذه الأنماط (سواء قبل أو بعد) ــ لاحظ أن هذا الوصف مطابق تماماً لمغالطة تكساس الشهيرة ــ؟ أنصح كل مهتم بالتحليل الفني، وخصوصاً من يعتمد عليها بنسبة 100%، بقياس نسبة نجاح Success Rate استراتيجيات على المدى الطويل ــ على الأقل 3 سنوات ــ ومقارنتها مع التحليل الأساسي على المدى الطويل

إلقِ نظرة على الرسوم البيانية (بالذات الاسبوعية والشهرية) لأسعار أكبر العملات الرقمية للتأكد من هيمنة العشوائية على تحركات الأسعار بشكل واضح، لاسيما أنها أسواق تسيطر عليها عاطفتي الخوف والطمع بصورة أكبر بكثير من مراحل الخوف والطمع الموجودة في أسواق المال التقليدية.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.