التصنيفاتبلوكتشين

هاش غراف، المنافس القادم لبلوك تشين؟

بعد هيمنة بتكوين في السنوات الأخيرة، ظهرت آلاف العملات الرقمية المنافسة لها لتغطي استخدامات أوسع من بتكوين، ولكن جميع هذه العملات الرقمية تجتمع مع بتكوين بخاصية رئيسية وهي اعتمادها على تقنية بلوك تشين في تسوية التعاملات. لم أكن أعلم عن وجود منافس ليس لبتكوين بصورتها الحالية فحسب، بل للنظام الذي تعمل به بالكامل ــ بلوك تشين ــ وهي تقنية “هاش غراف” المبنية على نفس المبدأ العام لبلوك تشين، أي أنها تعتبر أحد التطبيقات التي تعتمد على تقنية “الليدجر” الموزّع، لم أجد ترجمة مناسبة إلى “ليدجر” حتى الآن، ولعل الكلمة الأقرب هي “دفتر التعاملات” أو “سجل التعاملات”/

أسس ليمن بيرد ــ دكتوراه في علوم الكمبيوتر ــ “هاش غراف” على أن تكون أسرع، آمن، وأكثر عدالة من بلوك تشين في صورتها الحالية. ولعل أحد أكبر عيوب بلوك تشين اليوم من الناحية العملية تتلخص بالنقاط التالية:

أولاً: الصعوبات في التوسع: مما يسبب كثرة “انقسامات” البلوك تشين الخاص بالعملات.

ثانياً: الاستهلاك الكبير للطاقة بسبب التعدين: عليك فقط أن تذهب لهذا الموقع لتشاهد الكمية الرهيبة التي تستهلكها بتكوين فقط من الطاقة الكهربائية سنوياً.

ثالثاً: المثالب المتعلقة بآلية “إثبات العمل” والتي تعطي بعض قوى التعدين الحق في اختيار أولوية التعاملات التي توضع في “القطعة” التي يقوموا بتعدينها.

لذلك، بناء على كلام د. ليمن، يعمل آلقوريثم “هاش غراف” بطريقة تلغي الحاجة لجهات التعدين، فهو يعمل وفق “آلية اتفاق” ــ أو “آلية إجماع” ــ مختلفة تماماً عن بلوك تشين، وذلك عن طريق آليتين تطرق لهما د. ليمن في هذا المقال ــ الإجماع والتصويت ــ، بحيث تضمن هاتين الآليتين سرعة تسوية التعاملات، بناء على الوقت فقط، دون الحاجة لإثبات العمل من قبل جهة التعدين. لذلك، تستطيع “هاش غراف” أن تقوم بتسوية 250,000 تعامل في الثانية، مقابل 7 تعاملات في الثانية لبتكوين.

على الرغم من ذلك، لا أرى من وجهة نظري شخصياً تهديداً حقيقياً من قبل “هاش غراف” في المرحلة الحالية، وذلك لكونها محمية ببراءة اختراع حصل عليها د. ليمن، مما يعطيه الحق الكامل لاختيار الجهات التي تعمل على “هاش غراف”، ونوعية التطبيقات التي يتم إنشاءها عليها أيضاً، فلا تعتبر “هاش غراف” لامركزية بالكامل، عند مقارنتها ببلوك تشين. لذلك، يرى د. ليمن “هاش غراف” على أنها مشروعه الشخصي الذي عمل عليه على مدى أكثر من خمسة سنوات، فيبدو لي بأنه حتى الآن غير متقبل لفكرة تسليم هذا المشروع للعامة، عن طريق تحويله إلى مشروع مفتوح قابل للتعديل من الجميع، وهي فرصة ذهبية لتطوير “هاش غراف” بمعدلات أسرع بكثير من وضعها الحالي، تماماً كما فعل فيتاليك ــ مؤسس منصة إيثيريوم ــ، فتستضيف اليوم منصة إيثيريوم العديد من التطبيقات بسبب كونها منصة مفتوحة قابلة للتعديل.

ولعل السبب الآخر لإبقاء د. ليمن “هاش غراف” على وضعها الحالي هو سبب فني بحت يتعلق بالتضحية باللامركزية الكاملة مقابل ضمان السرعة، العدالة، والأمن في التعاملات. لا زلت أقرأ هذه الأيام عن “هاش غراف”، ويظهر لي مبدئياً عدم تقبل الأوساط لها، ربما بسبب اللامركزية والحرية الكاملة التي اعتاد عليها مجتمع العملات الرقمية.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.