التصنيفاتالأسواق الماليةالذكاء الاصطناعيالعملات الرقميةبلوكتشين

بلوك تشين، وصناديق التحوط

ظهر في أكتوبر 2015 صندوق نيوميراي التحوطي، وأعلن في فبراير الماضي عن أول تطبيق حقيقي لتقنية بلوك تشين في قطاع صناديق التحوط، القطاع الذي يخصص دائماً جزءاً كبيراً من موارده المتاحة لاستغلال آخر التقنيات واستقطاب أكبر العقول في شتى المجالات ــ الرياضيات، الإحصاء، علوم الكمبيوتر… إلخ. ــ، على أن يعمل هذا الصندوق عن طريق التمويل الجماعي وباستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. إلا أن الأمور أخذت منحنى آخر عندما قرر الصندوق أن يتبنى تقنية بلوك تشين وينشئ عملة رقمية خاصة به

الفكرة وراء الصندوق بسيطة من الناحية النظرية ولكنها عبقرية جداً من الناحية العملية: يقوم الصندوق باستقطاب أمهر علماء البيانات والكمبيوتر حتى يساهموا في تطوير أداء الصندوق عن طريق معالجة البيانات، تحسين النماذج الرياضية والتنبؤية للصندوق، تطوير الخوارزميات التي يعمل بها نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بالصندوق، مقابل الحصول على العملة الرقمية الناشئة عن بلوك تشين الخاص بالصندوق، والتي أُطلق عليها اسم “نيوميرير” والمشتق من اسم الصندوق

الجدير بالذكر أن العملة تعمل وفق نظام العقود الذكية على منصة إيثيريوم، وحتى كتابة هذا المقال، وزّعت أكثر من مليون عملة على أكثر من 19,000 عالم بيانات حول العالم. بالطبع، قد يواجه الصندوق معضلة أساسية في وضع بروتوكول يقضي على ــ أو يقلل ــ تضارب المصالح بين المستثمرين في الصندوق وبين علماء البيانات، فليس بالضرورة أن تكون جميع مشاركات هؤلاء العلماء مفيدة لأداء الصندوق، لا سيما أن جزءاً كبيراً من أداء الصندوق يتعلق بتنبؤ تحركات الأسعار في المستقبل. لذلك، يعمل الصندوق وفق البروتوكول التالي: يحصل عالم البيانات أو المبرمج على مكافأة بصورة عملة رقمية “نيوميرير” قابلة للتحويل إلى عملة “إيثيريوم” في حال كان توقعه للمستقبل صحيحاً، أما إذا كان توقعه خاطئاً، فيتم تدمير “نيوميرير” الخاص به عن طريق مسحها أو إزالتها من بلوك تشين الخاص بالصندوق. بسبب وجود هذا البروتوكول، يكون عالم البيانات حذراً جداً في صياغة البرامج ــ والتي تعتمد في الغالب على التعلم الآلي ــ الذي يشارك بها في الصندوق، وبذات الوقت، يضمن هذا البروتوكول الأداء الجيد للصندوق في المستقبل، حفاظاً على مصالح المستثمرين

لهذا السبب، يمكن إطلاق مسمى جديد على البلوك تشين الذي يعمل به الصندوق وهو “إثبات الذكاء” عوضاً عن “إثبات العمل” ــ كبلوك تشين بتكوين وإيثيريوم ــ أو “إثبات الملكية” ــ كبلوك تشين داش ونيو ــ، أي أن علماء البيانات يجب أن يثبتوا “ذكاء” نماذجهم التنبؤية وخوارزميات التعلم الآلي التي يوظفونها لخدمة الصندوق ونجاحه في المستقبل، مقابل الحصول على “نيوميرير” قابلة للتحويل إلى إيثيريوم

أعجبت جداً بنموذج عمل الصندوق وأعتقد شخصياً أنه سيحدث طفرة كبيرة جداً في صناعة الصناديق التحوطية بشكل خاص، وقطاع الاستثمار بشكل عام، فلم يعد هناك حاجة لتوظيف جيش من المبرمجين وعلماء البيانات، فقد أصبح الأمر أسهل ــ وربما أقل تكلفة ــ بكثير من السابق، ناهيك عن إمكانية خلق المنافسة والحصول على أفضل العقول عالمياً

للمهتمين، بإمكانك قراءة “الورقة البيضاء” لبلوك تشين الصندوق من خلال هذا الرابط

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.