التصنيفاتالاقتصادالاقتصاد المحلي

الاقتراض الحكومي، ورفع سقف الدين (3)

على الرغم من الجدل حول العديد من مفاهيم كينز الاقتصادية، إلا أن جون مينارد كينز يرى أن الاقتراض الحكومي في ظل الكساد الاقتصادي أمراً إيجابياً، بشرط ألا يكون الاستغلال الاقتصادي لموارد الدولة ــ الاقتصادية، البشرية، الطبيعية … إلخ. ــ عند ذروته، لأننا في هذه الحالة قد نحتاج إلى حلولاً أقسى من الاقتراض الحكومي، وأعتقد شخصياً أنه كان يقصد في ذاك الوقت الإجراءات التقشفية للحكومات، وهي من القرارات القاسية جداً على الشعوب. قد لا نعاني في الكويت من كساداً اقتصادياً واضح المعالم، فعمدلات التضخم تنمو سنوياً بشكل صحي نسبياً، علاوة على اعتماد الدولة الكبير على الاستيراد. لذلك، قد لا يرى الموالي لمدرسة كينز الاقتصادية جدوى للاقتراض الحكومي في الكويت لأنها لا تعاني من كساداً اقتصادياً حقيقياً، إلا أن الوضع مختلف قليلاً في الكويت، فالاقتراض الحكومي في الكويت لم يكن لانتشال الاقتصاد الداخلي من الكساد، بل لتمويل العجز المعلن في الموازنة العامة للدولة، والذي ليس بالضرورة أن يتزامن مع كساد اقتصادي. لذلك، لا أرى المنطق من استخدام مدرسة كينز الاقتصادية في هذا الجزء من النقاش.

 

يبقى السؤال الأهم في نهاية المطاف: ما هو تأثير الاقتراض الحكومي على معدلات النمو الاقتصادي في المستقبل؟ يُقال دائماً أن الهدف من الحكومات غير ربحي، أي عند الحديث عن الموازنات العامة للحكومات، يعتبر العجز أمراً طبيعياً والاستثناء هو الفائض، لأنه قد يعكس عدم الاستغلال الكامل للموارد الاقتصادية في الدولة. على كل حال، يحتدم النقاش دائماً عند الإجابة على مثل هذا النوع من التساؤلات، فهو يعتبر من أقدم وأهم الأسئلة الاقتصادية، أكاديمياً ومهنياً. فاليوم، يتابع الجميع بحذر التسلّق الواضح لنسب الدين إلى الناتج الإجمالي المحلي في العديد من الدول. أرى شخصياً أن الوضع الاقتصادي مختلف إلى حد ما في الكويت، فكما ذكرت في الجزء الأول من هذه السلسلة، تعتبر الحكومة العصب الرئيسي للاقتصاد الكويتي، لذلك، يجب ألا تؤثر معدلات الاقتراض على معدلات الإنفاق الحكومي داخلياً، وذلك لارتباطها بشكل مباشر ــ ارتباطاً طردياً ــ مع معدل النمو الاقتصادي لإن الحكومة هي المحرك الأساسي للقطاع الخاص في الدولة، وهي الدافع الحقيقي لمعدلات الطلب الكلي.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.