التصنيفاتالأسواق المالية

الموجة التصحيحية في البورصة الأمريكية

يتوقع العديد من المحللين الماليين أن تشكل السنة القادمة بداية النهاية لموجة الارتفاع التي تشهدها الأسواق المالية ــ أسواق الأسهم بالتحديد ــ في الولايات المتحدة، والتي استمرت إلى أكثر من 8 سنوات حتى الآن. على الرغم من استحالة توقع السقف الذي ستتوقف عنده أسعار الأسهم، يلجأ المحللون في الغالب إلى البيانات التاريخية لأسواق المال والمؤشرات الاقتصادية القيادية ــ إن صحت الترجمة ــ والتي تعمل بمثابة البوصلة التي تشير إلى الاتجاه المستقبلي للاقتصاد، ولعل أبرز الأمثلة على هذا النوع من المؤشرات هو استبيان مدراء المشتريات والذي يتم استعماله عادة للتنبؤ بمعدلات نمو الناتج الإجمالي المحلي، بالإضافة إلى مجموعة من النسب المالية الأخرى كمكررات الأرباح على سبيل المثال.

يعلم الجميع التضخم الهائل في أسعار أسهم البورصة الأمريكية اليوم، فقد تسلّق مؤشر “إس & بي 500” أكثر من 1800 نقطة بعد الأزمة المالية العالمية، بمعدل 280% تقريباً، ويستشهد كذلك جزء كبير من المحللين بالارتفاع الهائل لمكررات أرباح أشهر الشركات المدرجة مثل آمازون ونتفلكس ــ أكثر من 200 ضعف ــ، ولكنه من وجهة نظري استشهاد غير موفق وذلك لاعتماد هذا النوع من الأسهم على معدلات النمو المستقبلية، ولذلك يطلق على هذا النوع من الأسهم “أسهم النمو” مقارنة بالأسهم التي تمتلك مكررات أرباح منخفضة ــ أسهم القيمة ــ، لذلك، لا يمانع المستثمر من دفع مبالغ باهظة لاقتناء تلك الأسهم، طمعاً في معدلات النمو المستقبلية التي ستحققها الشركة، ولعل الخطر الأكبر دائماً يكمن في الإفراط في التفاؤل بالمستقبل، والذي يؤدي في الغالب إلى الدفع بالأسعار بعيداً عن قيمها الحقيقية.

باعتقادي الشخصي، وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة لأكثر من 4 سنوات، لا أتوقع موت “سوق الثور” مع بداية السنة القادمة، وذلك لعدة أسباب. أولاً، مازال الحزب الجمهوري يدفع بمبادرة خفض ضرائب الشركات، مما سيعطي دفعة كبيرة للأرباح. ثانياً، مازالت معدلات الفائدة منخفضة جداً، حتى وإن قرر الفيدرالي الأمريكي أن يرفع الفائدة في ديسمبر القادم أو مع بداية السنة القادمة، مما لا يعطي المستثمر بديلاً واعداً عن سوق الأسهم. ثالثاً، أغلب البيانات الاقتصادية الأمريكية كانت إيجابية جداً، فمعدلات البطالة في أقل مستوياتها منذ أكثر من 16 عام، ومعدل التضخم أصبح قريباً جداً من المعدل المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

مع ذلك، لا بد من الاعتراف باستحالة استمرار موجة الصعود للأبد، فلا بد من قدوم موجات تصحيحية في المستقبل، ولكنها ــ من وجهة نظري ــ لن تكن ذات منشأ اقتصادي بحت، فربما تنشأ عن توترات جيوسياسية أو أسباب نفسية تتعلق بموجات الهلع الغير المبرر التي قد تصيب المستثمرين أحياناً. لذلك، من الجيد أن يبحث المستثمر عن شركات ذات ارتباط عكسي مع مؤشرات الأسواق ــ أي أنها تمتلك معامل أو مقياس بيتا سالب ــ، وذلك لبناء محفظة استثمارية أقل خطورة، والجدير بالذكر أنني قبل عدة أيام وجدت سهماً يمتلك معامل بيتا سالب وهو سهم سولار إيدج، شركة الطاقة الشمسية.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.