التصنيفاتالاقتصادالعملات الرقمية

أبرز أسباب ارتفاع بيتكوين

ارتفعت بيتكوين لمستويات قياسية في الأشهر الأخيرة بمعدلات شهرية خرافية، حيث بلغ معدل العائد على بيتكوين منذ بداية السنة وحتى لحظة كتابة هذا المقال ما يقارب 80%، على الرغم من معدلات التذبذب المرعبة التي تشهدها بيتكوين يومياً. لاحظ الرسم التالي والذي يبيّن معدل تذبذب بيتكوين في السنة الأخيرة ــ إضغط هنا لمصدر الرسم البياني:

 

إذاً، ما هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الارتفاع الملحوظ في الأشهر الأخيرة؟ ربما السبب الأول والأهم يرجع إلى الأول من إبريل الماضي عندما أعلنت اليابان الاعتراف ببيتكوين كعملة رسمية في الدولة، على أن يتم إخضاعها لقوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ولعل الاعتراف كان مبرراً بالكامل، حيث تشير الإحصاءات أن نسبة مشاركة اليابان في تداولات بيتكوين ــ عن طريق الين الياباني ــ بلغت 46%، مما يبين هيمنة بيتكوين في الأوساط اليابانية، ولعل التضخم العالي في اليابان أحد الأسباب لهذه الشعبية. الجدير بالذكر أن روسيا أيضاً أعلنت في ذات الشهر عن نيتها لتبني بيتكوين كعملة شرعية في الدولة، ابتداء من العام القادم.

 

 

ثانياً، بعد النجاح المنقطع النظير لبيتكوين في السنة السابقة، زادت شعبية العملة بشكل كبير مما أدى إلى تباطؤ شبكة بيتكوين القائمة على تقنية تسلسل القطع ــ أو الحزم ــ، مما أدى إلى تباطؤ عمليات التسوية لتصل إلى الساعة أو الساعتين، وعلى الرغم من طول فترة التسوية، إلا أنها مازالت أقصر بكثير من فترات التحويلات المالية والبنكية التقليدية التي قد تستمر إلى الأيام في أسوأ الأحوال، لذلك اتفق عدد كبير من مستخدمي بيتكوين على ضرورة فصل الشبكة الرئيسية لبيتكوين إلى شبكتين منفصلتين، لتسريع عمليات التسوية، إلا أن هذا الاقتراح لم يكن سهلاً أبداً، مما زاد المخاوف من انهيار بيتكوين على المدى الطويل، حتى جاءت “لايت كوين” ــ وهي العملة المنافسة لبيتكوين ــ لتحل الموضوع، حيث قامت هي ذاتها بتجربة فصل الشبكات لعملتها، وانتهت العملية بالنجاح، مما إنعكس إيجاباً على بيتكوين، لإنها قابلة للتطبيق تماماً على بيتكوين. يجدر الذكر أن القيمة السوقية للايت كوين تبلغ 1.6 مليار دولار حتى تاريخ كتابة هذا المقال، وهو رقم لا يستهان به، ولكنها تعتبر ضئيلة جداً بالنسبة لقيمة بيتكوين السوقية الهائلة والتي تبلع حتى تاريخ كتابة هذا المقال 29 مليار دولار.

 

ولعل العامل الأخير يتلخص في قضية الإخوان وينكلفوس، والذين يحاولون جاهدين على إشهار أول صندوق استثماري قائم على التحركات في قيمة بيتكوين، إلا أن هيئة الأوراق والمالية البورصات الأمريكية رفضت الطلب رفضاً قاطعاً لعدة أسباب قانونية وتقنية. على سبيل المثال، لا يوجد بيانات أساسية ــ أدوات التحليل التقليدي ــ يمكن قياس أداء بيتكوين عليها، كالمؤشرات الرئيسية والمعدلات المحاسبية للشركات والأسهم. بعد رفض الهيئة، قام الإخوان بطلب آخر، وتشير التوقعات إلى احتمالية موافقة الهيئة هذه المرة ــ لا أعلم سبب ذلك ــ، مما قد يفسّر ارتفاع بيتكوين في الأشهر الأخيرة. ولكن، من باب الإنصاف وحتى يكون النقاش حيادياً، لا اعلم إذا كانت هناك مثالب قانونية على إدراج هذا الصندوق في البورصة، ولكن من الناحية الفنية، لا أعتقد أن غياب البيانات الأساسية يشكل أية عواقب استثمارية ــ أو حتى مضاربية ــ للمتداولين في بيتكوين، لأنهم يعلمون تماماً نوعية هذا الاستثمار، ولن يتم إجبار أي أحد على الاستثمار في بيتكوين، ناهيك عن البيانات اللحظية والتاريخية الهائلة التي تتوفر لبيتكوين اليوم عن طريق الكم اللا بأس به من بورصات بيتكوين.

 وأخيراً، يبقى أيضاً للعوامل الجيوسياسية دوراً مهما في تقلبات أسعار بيتكوين، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لأزمة ديون اليونان وغياب القوة الشرائية في فنزويلا دوراً كبيراً في زيادة شعبية بيتكوين، بحثاً عن العوائد والأوعية المناسبة للمدخرات. على الرغم من النقاش الكبير اليوم عن احتمالية انفجار فقاعة بيتكوين في أية لحظة، إلا أنني لازلت متمسكاً برأيي، بيتكوين ــ وبالذات التكنولوجيا القائمة عليها ــ هي البداية لفصل جديد من السياسات الاقتصادية.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.