التصنيفاتالاقتصادالعملات الرقمية

هل يمكن لبيتكوين إنقاذ فنزويلا؟

لا تخفى على أحد الكارثة الاقتصادية ــ والانسانية ــ التي تمر بها فنزويلا منذ عدة أشهر، حيث بلغ معدل التضخم في السنة السابقة ٨٠٠٪‏، مما خفّض الناتج الإجمالي المحلي للدولة بمعدل ١٩٪‏. لذلك، كان لتلك الآثار انعاكاسات خطيرة كاختفاء أغلب الاحتياجات الأساسية من الأسواق وارتفاع معدلات الجريمة في الدولةـ ولعل الأسوأ من ذلك هي توقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع معدلات التضخم خلال هذه السنة إلى ضعف الرقم السابق.

 بسبب تلك الآثار الكارثية، فقدت العملة المحلية ــ البوليفار ــ قيمتها بالكامل تقريباً، مما أجبر الشعب الفنزويلي على التوجه لمصادر وعملات أخرى لإيجاد أبسط خصائص العملة، وهي الحفاظ على القيمة. فهل يمكن لبيتكوين إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الفنزويلي؟ من يتابع التصريحات الحكومية في فنزويلا، يجد أن هناك صمت حكومي تجاه بيتكوين، فالحكومة الفنزويلية لم تمنع التعامل بالبيتكوين على الرغم من التوجه والقبول الشعبي الواضح لبيتكوين في فنزويلا، بل على العكس تماماً، تقوم الحكومة الفنزويلية بحظر أية تصريحات سلبية تضر بسمعة بيتكوين محلياً. لذلك، تقر الحكومة ــ بطريقة صامتة ــ على إمكانية بيتكوين على إنقاذ الجزء المتبقي من الاقتصاد الفنزويلي. فعلى سبيل المثال، قام جويدو أوتشاوا، وهو ابن أحد أعضاء البرلمان الفنزويلي، بشراء أحد شركات تعدين البيتكوين ــ هاش فاست ــ في الولايات المتحدة بعد ما أعلنت إفلاسها.

الجدير بالذكر أن فنزويلا تقع في المركز الثاني في مؤشر الاستفادة من بيتكوين، وهو مؤشر عالمي يقيس مدى استفادة اقتصاد الدولة من تبنّي بيتكوين بدلاً من العملة المحلية للدولة، بناء على عوامل عديدة مثل معدلات التضخم، الفساد، أسعار الصرف والاعتماد الداخلي على النقد بصورته الورقية، أنصح بقراءة المقابلة التالية التي أجريت مع عدد من أفراد الشعب الفنزويلي الذين يقومون باستخدام بيتكوين بشكل دوري عوضاً عن البوليفار الفنزويلي.

على الرغم من مشاكل السيولة التي قد تواجه حامل البيتكوين، إلا إنها ستضيف مرونة كبيرة للاقتصاد الفنزويلي، فقد اعتاد السكّان على تفرّد البنك المركزي المحلّي بحق التحكم بقيمة العملة ومعدلات عرض النقد المحلي، وهي قرارات تؤثر بشكل مباشر في حياة الناس اليومية وقوتهم الشرائية، ولكن عند تبنّي بيتكوين، سينقلب هذا الهرم رأساً على عقب؛ سيمتلك الناس ــ عامة الشعب ــ السلطة المطلقة في التحكم بقيمة العملة داخلياً عن طريق قوى العرض والطلب، وهي مفارقة جميلة جداً تنتزع السلطة من مواطنها التقليدية وتضعها في يد المستفيد النهائي. علاوة على ذلك، ستقضي بيتكوين على جزء كبير من الفساد المالي والتهرّب الضريبي، بسبب الشفافية الكبيرة التي تعمل من خلالها، والتي تتيح لكل مستخدم حق الاطلاع على كل عمليات البيع والشراء.

 لعل التحدي الأكبر الذي يواجه فنزويلا في تبنّي بيتكوين هو غياب البنية التكنولوجية التحتية اللازمة لتسويق العملات المشفرة بشكل عام وبيتكوين بشكل خاص، ناهيك عن قلة الوعي، نسبياً. لا أمتلك الكثير من الاحصائيات التي تكشف عن مدى تقبّل بيتكوين في فنزويلا، وذلك بسبب غياب منصّات التداول، فلا تمتلك فنزويلا سوى منصة واحدة فقط ــ حتى تاريخ كتابة هذا المقال ــ وهي سربتكوين. ولكن، بناء على احصائيات هذه المنصّة، قفز عدد مستخدمي المنصة في فنزويلا من مجرد ٤٥٠ مستخدم في سنة ٢٠١٤ إلى أكثر من ٨٥٠٠٠ في نهاية ٢٠١٦، بمعدل نمو يقارب الـ١٩٠٠٠٪‏، مما يبيّن المنحنى الخطر الذي دخل به الاقتصاد الفنزويلي، وحاجة الناس الفعلية للحفاظ على مدخراتهم وثرواتهم من خلال أداة لا تفقد جزء كبير من قيمتها عبر الزمن، كالبوليفار الفنزويلي، فعلى الرغم من معدلات التذبذب المرعبة التي تعاني منها بيتكوين ــ وخصوصاً في هذه الأيام ــ، إلا أنها تبقى عملة آمنة جداً عند مقارنتها بالبوليفار الفنزويلي.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.