التصنيفاتالأسواق الماليةالتمويل السلوكي

نظرية “الأحمق الأكبر” في الأسواق المالية

في البداية، أعتذر عن فظاظة عنوان المقال، ولكني لم أجد ترجمة أفضل لهذه النظرية. نظرية الأحمق الأكبر في الأسواق المالية هي أحد أشهر النظريات في فرعي “التمويل السلوكي” و”التداول التقني”. كل متابع للأسواق المالية بشتى أنواعها يعلم أن هناك اتجاه للأسعار، وغالباً ما يتشكّل هذا الاتجاه على المدى القصير ليكوّن ما يعرف بـ”قوة الدفع” التي تدفع بالاتجاه بقوة أكبر (سواء بالزيادة أو النقصان)، تماماً كالذي يسكب الغاز على النار المشتعلة.

إذاً، بناء على هذه النظرية، يقوم المتداولون بالدفع بسعر الأصل بعيداً عن القيمة الحقيقية لهذا الأصل، ولأسباب غير منطقية لا تتعلق بأية فكر اقتصادي سوى ملاحقة هذا الاتجاه. وبالتالي، ما يقوم به المستثمرون فعلياً هو التلاعب بالمخاطر ونقلها إلى المستثمر التالي، باعتقاد أنه سيكون أكثر حماقة منهم. لتوضيح الصورة أكثر، سنفرض المثال الآتي، لنفرض أن سعر السهم للشركة (س) بدأ يأخذ بالارتفاع تدريجياً، سيقوم المستثمرون، وخصوصاً السُذّج منهم، بشراء هذا السهم تدريجياً وبالتالي زيادة قوة الدفع إلى الأعلى في المدى القصير، سيرتفع سعر السهم تدريجياً بعد كل عملية شراء، بحيث يقوم كل مستثمر بنقل مخاطر هبوط السعر إلى المستثمر التالي، والذي يُنظر إليه بأنه أكثر حماقة من المستثمر الذي سبقه بالشراء، إلى أن يهوي سعر السهم بسبب فقدان قوة الدفع تدريجياً، ويتحمل آخر مستثمر (الأكثر حماقة)، الجزء الأكبر من الخسائر، كما في الصورة التالية التي توضح المثال:

GreaterFool

كما هو مبيّن بالصورة أعلاه، يأخذ سعر السهم في الصعود تدريجياً، مع تسلّق معدل المخاطر بشكل شبه متناسب أيضاً، فيزيد سعر السهم، وتزيد معه احتمالية فقدان قوة الدفع وبالتالي خسارة الاتجاه والبدء بالهبوط التدريجي، والذي بدوره يحقق أكبر الخسائر للمستثمر الرابع الذي قام بشراء السهم وهو في آخر مراحل الصعود. بالطبع، يوضّح المثال النظرية بأبسط أشكالها، ولكن في الواقع العملي، وخصوصاً في وقتنا الحالي، أصبحت الأمور معقدّة بشكل كبير جداً، خصوصاً مع هبوط معدل العامل البشري في الأسواق، والاعتماد الأكبر على التداول التلقائي والالكتروني عن طريق لغات البرمجة المختلفة. لعل أول الأمثلة على استعمال أجهزة الكمبيوتر لاصطياد “الاتجاه” كان لـ إد سيكوتا في أوائل السبعينات من القرن الماضي، حيث قام بتحويل خمسة آلاف دولار إلى 15 مليون في غضون 12 سنة فقط. للتوضيح أكثر، يمكن أيضاً استخدام ذات الاستراتيجية في عمليات البيع المكشوف، خصوصاً في الأوضاع الاقتصادية السيئة، حيث أن قوة الدفع تعمل باتجاهين، إلى الأعلى عند تفاؤل المستثمرين، والعكس صحيح.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.