التصنيفاتالأسواق المالية

التداول عالي التردد: مقدمة

هذه المقالة هي بداية سلسلة مطولة تسلط الضوء على أحد أكبر القضايا في العالم المالي اليوم و هي التداول عالي التردد (أو التكرار)، وهو المصطلح الشائع في الأسواق والمجال الأكاديمي لوصف نوع من التداول يستخدم أحدث التقنيات في أجهزة الكمبيوتر والبرمجة لصنع استراتيجيات تداول فائقة السرعة، تصل إلى أجزاء من الثانية. على سبيل المثال، تصل سرعات التداول في سيتاديل، وهي أكبر متداول عالي التردد في العالم، إلى ميلي ثانية ومايكرو ثانية وهي سرعات خيالية لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها حيث أن الميلي ثانية تساوي ألف جزء من الثانية، بينما المايكرو ثانية تساوي مليون جزء من الثانية.

أخذ هذا النوع من التداول حيز كبير من الشهرة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، حيث بلغت حصة شركات التداول عالي التردد ما يقارب الـ50% من إجمالي التداول في السوق الأمريكي ويرجع ذلك لطبيعة هذا النوع من التداول الذي يتصف بحجم تداول ضخم جداً، يصل إلى ملايين الصفقات يومياً.

ولكن، ما هي الصفات التي تميز هذا النوع من التداول عن غيره؟

السرعة: يتصف هذا النوع من التداول بسرعات خرافية لا يمكن لأسرع البشر الوصول إليها، حيث تقوم أجهزة الكمبيوتر بعمليات التداول بجميع أنواعها بدون أي تدخل. بالإضافة إلى ذلك، يحتفظ هذا النوع من التداول بالإصول المتداولة لفترات قصيرة جداً لا تتعدى بضع الدقائق (أو الثواني أحياناً)، وهو الذي بدوره يفسر أحجام التداول الضخمة جداً لهذا النوع من المتداولين.

تغيير مكان التداول: لزيادة سرعات التداول، تقوم شركات التداول عالي التردد بوضع أجهزتها بأقرب مكان من السوق المالي وذلك لتقصير فترة الاتصال بالسوق بأكبر قدر ممكن. على سبيل المثال، يقوم سوق ناسداك حالياً باستضافة سيرفرات (خوادم) داخل مبنى السوق، حيث يقوم بتوزيع أسلاك الاتصال بأطوال متساوية لخلق بيئة تنافسية عادلة بين شركات التداول. نتيجة إلى انتشار هذا النوع من التداول، لوحظ ارتفاع أجارات المباني المحيطة بالأسواق المالية بشكل خرافي في السنوات الأخيرة.

غياب العامل البشري: يضمن استعمال أجهزة الكمبيوتر غياب الأخطاء البشرية الشائعة في التداول، خصوصاً عند التداول تحت ضغوطات معينة.

التكلفة: يعتبر هذا النوع من التداول مكلف جداً نظراً لنوعية الأجهزة والخوادم التي يتطلبها، بالإضافة إلى العمولات التي تدفع لقاء كل عملية تداول.

خلق هذا النوع من التداول جدل كبير في الأسواق العالمية وفي المجال الأكاديمي، حيث اعتبره البعض غير عادل، خصوصاً لصغار المستثمرين الذين لا يمتلكون رأس المال والخبرة لاستغلال هذا النوع من التداول.

On-your-mark

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.

رأي واحد حول “التداول عالي التردد: مقدمة”

التعليقات مغلقة.