التصنيفاتالأسواق المالية

موجة هبوط الأسواق العالمية

دخلت الأسواق العالمية خلال الاسبوع الماضي موجة تصحيحية واضحة المعالم من خلال هبوط أكبر المؤشرات العالمية في شرق آسيا، أوروبا، والولايات المتحدة بمعدلات تتراوح ما بين 2% إلى 5%. لا أعتقد شخصياً أن تشكل موجة الهبوط “انهياراً” قصير الأجل لهذه الأسواق، إنما هي موجة تصحيحية تحتاجها الأسواق حتى تبقى الأسعار وفق نطاقاً صحياً، لا سيما في ظل معدلات تقييم الأسهم العالية جداً لأغلب أسهم النمو الكبيرة في سوق الأسهم الأمريكي على سبيل المثال.

لعل النصيب الأكبر من التغطية الإعلامية كانت لمؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية وبورصة اليابان، واللتان تصدرتا المشهد الاقتصادي بمعدلات الهبوط، فقد هبط مؤشر داو جونز ومؤشر S&P500 بأكثر من 4% في الاسبوع الماضي، بينما هبط مؤشر نيكي في اليابان بأكثر من 5% في ذات الفترة. سأكتفي في هذا المقال القصير بالتطرق لسوق الأسهم الأمريكي فقط، لإنني أتابعه عن قرب، فلا أملك الخبرة للحديث عن سوق الأسهم الياباني ولا أعلم أسباب هبوطه حتى الآن.

(Source: PA Graphics)

بالطبع، لا أحد يعلم السبب الحقيقي وراء موجة البيع الحادة التي اجتاحت الأسواق في الاسبوع الماضي، إلا أنني أعتقد أن أبرز الأسباب تتعلق بما يلي:

1#: ارتفاع العائد على السندات الحكومية:

بلغ العائد على السندات الحكومية الأمريكية ذات الـ 10 سنوات 2.885% في الاسبوع الماضي، وهو معدل لم تصل إليه هذه السندات خلال فترة طويلة جداً، لذلك، تلجأ الحكومات الأجنبية والمحافظ الاستثمارية المليارية لشراء هذا النوع من الأصول لضمان عائد منعدم المخاطر، مما أدى إلى موجة بيع من هذه المحافظ للتخلص من بعض الأسهم والحصول على السيولة اللازمة لشراء السندات الحكومية، وربما دفع ذلك بعض صغار المتداولين إلى بيع أسهمهم أيضاً، لتزداد حدة موجة البيع على المدى القصير.

2#: تحسن بيانات التضخم ومخاطر ارتفاع الفائدة:

بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية الممتازة وعلامات التعافي الواضحة التي أظهرها الاقتصاد الأمريكي، قرر الاحتياطي الفيدرالي أن يقوم برفع معدل الفائدة خلال هذه السنة ثلاثة مرات على الأقل، مع استمرارية التلويح بإمكانية زيادة هذا الرقم إذا استدعى الأمر، وهو بالطبع ما لا يتماشى مع اتجاه أسعار الأسهم، خصوصاً على المدى القصير.

3#: عبث روبوتات وخوارزميات التداول بعقود التذبذب عالية المخاطر:

مع ارتفاع معدلات التذبذب من خلال مؤشر VIX، تصعد بعض الأوراق المالية المتداولة (Exchange Traded Notes – ETNs) التي “تراهن” على صعود معدلات التذبذب بشكل مضطرد جداً خلال ساعات قليلة، بينما تنخفض المشتقات المالية والأوراق المالية المتداولة التي تدخل في عمليات بيع مكشوف على مؤشر VIX بشكل حاد أيضاً. على سبيل المثال، لاحظ ماذا حدث لـ ProShares Ultra VIX Short-Term Futures أو UVXY في الأيام القليلة الماضية مع صعود معدلات التذبذب:

في الجانب الآخر لاحظ ماذا حدث لـ VelocityShares Daily Inverse VIX Short Term ETN أو XIV وهو ETN يدخل في عمليات بيع مكشوف قصيرة الأجل لمؤشر VIX، فعندما صعدت مؤشرات التذبذب بشكل مفاجئ في الاسبوع الماضي، فقد XIV أكثر من 90% قيمته في ساعات قليلة فقط:

يقال ــ ولا يمكن التأكد من هذا الادعاء بنسبة 100% ــ بأن الشركات والمحافظ الكبرى التي خسرت جراء هذه العمليات قامت بتعويض خسائرها عن طريق البيع الحاد للأسهم التي تمتلكها، مما تسبب بالمزيد من الهبوط على المدى القصير. لذلك، تمنع أغلب شركات الوساطة المالية صغار المتداولين من الدخول في هذا النوع من الأصول.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.