التصنيفاتالتعليمالذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي في التعليم

لعل لقطاع التعليم النصيب الأقل من موجة التغيير الهائلة التي أحدثتها نظم الذكاء الاصطناعي في السنوات القليلة الماضية، ولذلك لطبيعة القطاع التعليمي القائمة على العنصر البشري بشكل كبير ــ وبالأخص جانب المتعلمين ــ، والتي تحتّم على أصحاب القرار اتباع سياسات تعليمية معيّنة. على الرغم من ذلك، شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في منصات التعليم الالكتروني المفتوح والتي ساهمت فيها أكبر جامعات العالم مثل برنامجي معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وجامعة أوكسفورد، واللذان يوفران محتوى تعليمي مجاني بالكامل، ابتداءاً بالمحاضرات وحتى الاختبارات.

على الرغم من ذلك، أعتقد شخصياً أن للذكاء الاصطناعي فوائد لم تستغل إلى الآن في القطاع الأكاديمي والتعليمي، ولعل نظم التعليم التقليدية خير مثال على ذلك، ففي نظم التعليم التقليدية التي تحكم على المتعلمين بشكل أساسي عن طريق الاختبارات الموحدة، يُظلم الطالب المبدع بشكل كبير، لأن تلك النُظم تركّز بشكل مباشر على إجابات نموذجية في اختبارات “معلّبة” ــ إن صح التعبير ــ، أغلبها لا يعطي المجال أبداً للتفكير، فهو أشبه باختبارات الذاكرة. إذاً، ماذا لو تم استخدام نظم الذكاء الاصطناعي لإنشاء قواعد بيانات تتماشى مع مستوى المتعلمين، مع الأخذ بالاعتبار أية فروق فردية  ــ في القدرات والتحصيل العلمي ــ، وذلك لضمان عدالة الاختبارات الموحّدة في حال استخدامها. علاوة على ذلك، يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي أيضاً أن تحل محل الأساتذة خارج أوقات الدراسة، وذلك عن طريق استخدام روبوت الذكاء الاصطناعي للإجابة عن أسئلة الطالب، على أن يعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الاسبوع، تماماً كما قام البروفيسور آشوك من جورجيا تيك عندما قام بإنشاء برنامج ذكاء اصطناعي كمدرّس مساعد للإجابة على أسئلة الطلبة.

وكذلك هو الحال بالنسبة للعبئ الكبير الذي يعق على عاتق المدرس، والذي يتمثل في تصحيح كم هائل من الاختبارات سنوياً، خصوصاً إذا كانت هذه الاختبارات على هيئة أسئلة مقالية. يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي أن تقوم بتصحيح جزء كبير من تلك الاختبارات، وذلك عن طريق استخدام ذات الطرق التي تُستخدم بشكل رئيسي من قبل روبوتات التسويق في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تقوم بترجمة الكلمات ودراسة الأنماط بشكل دقيق جداً. على سبيل المثال، تم استخدام نظم الذكاء الاصطناعي بشكل ناجح في تصحيح أحد أشهر الاختبارات الأكاديمية، لتقوم بنشاط شخصين بدل شخص واحد.

لذلك، يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي أن تملأ الفجوات في الفروقات الفردية بين المتعلمين، كما يمكنها أيضاً أن “تحرر” المدرسين من جزء كبير من مسؤولياتهم، وهو الذي ينعكس إيجاباً على العملية التعليمية والبحثية بذات الوقت، ففي الجامعات مثلاً، سيكون هناك فرص أكبر للأساتذة للتركيز على النتاج البحثي وحضور المؤتمرات العلمية. وفي ذات الوقت، ستقلل نظم الذكاء الاصطناعي جزء كبير من التكلفة على الجامعات ــ وبالذات الحكومية ــ، مما يساهم في زيادة عدد المقاعد داخل الجامعات والمعاهد.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.

رأي واحد حول “الذكاء الاصطناعي في التعليم”

التعليقات مغلقة.