التصنيفاتالاقتصادالبنوك المركزية

سياسة الفائدة السالبة

يعتبر التحكم في سعر الفائدة أحد أهم مهام البنوك المركزية حول العالم، حيث يقوم البنك المركزي برفعها لكبح النمو الزائد في عرض النقد (وبالتالي التضخم)، والعكس صحيح. إذاً، يتضح من الجملة السابقة أن رفع سعر الفائدة مرتبط بالسياسات الانكماشية، والعكس صحيح بالنسبة لتقليل سعر الفائدة، حيث تقوم بتحفيز الإقتراض وبالتالي نمو الاقتصاد، على الأقل في المدى القصير.

نتيجة إلى معدلات التضخم المنخفضة، بدأ البنك المركزي الأوروبي استخدام سياسة الفائدة السالبة منذ أكثر من سنة، حيث تقوم البنوك الأوروبية الآن بدفع 0.20% مقابل الحفاظ على ودائعها في البنك المركزي، مما يخلق حافز للبنوك للإقراض وعدم الاحتفاظ بالودائع، على أمل الدفع بعجلة الاقتصاد للأمام. ولكن، تأخذ البنوك المركزية الحذر الشديد عند اتباع هذه السياسة خوفاً من الارتفاع الحاد والمفاجئ في عرض النقود نتيجة لقيام البنوك بسحب ودائعها. بذات المنطق، قد تبدأ البنوك التجارية بفرض تكاليف على ودائع عملائها، مما قد يساهم أيضاً في رفع عرض النقود.

nominal_rates_inflation_2006_on

اتباع هذه السياسة ليس مقصوراً على الاقتصاد الداخلي فقط، فعلى سبيل المثال، قامت الحكومة السويسرية في سبعينات القرن الماضي باتباع سياسة الفائدة السالبة للحفاظ على سعر صرف عملتها من الارتفاع، وكان ذلك نتيجة لتدفق رؤوس الأموال إلى سويسراً، هرباً من التضخم العالي في مختلف دول العالم في ذلك الوقت. الجدير بالذكر إن ذات السيناريو تكرر في السويد والدنمارك في السنوات القليلة السابقة.

ولكن، قد يسأل البعض، ما الخوف من معدلات التضخم المنخفضة، لاسيما أنها تصب في مصلحة المستهلك؟ قد يبدو سؤالاً منطقياً من ناحية المستهلك، ولكن من الناحية الاقتصادية، تشكل فترات التضخم المنخفض كابوساً مرعباً بالنسبة للمنتجين، البنوك المركزية، والاقتصاديين عموماً، نظراً لشح الإنفاق والاستثمار في ظل انخفاض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي، والذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الأسعار أكثر وأكثر، إلى أن يتوقف الانتاج كلياً، وتتوقف عجلة الاقتصاد عن الحركة، وبالتالي زيادة البطالة في المجتمع.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.