التصنيفاتالاقتصاد

السياسات الاقتصادية والخريطة الائتمانية

عادة ما تكون أوقات الرخاء الاقتصادي مصحوبة بكمية كبيرة من الإقراض، ونظراً للجهات العديدة التي يمكن للمقرضون إقراضها، تقل المعايير التي يتبعها المقرضون باختيار جهات الإقراض حيث يتجهون إلى جهات ذات تصنيف ائتماني قد يكون دون المستوى المطلوب، و هو ما يعرف اصطلاحاً بالـ”الإقراض الغير المثالي“، غالباً ما يخلق هذا النوع من الإقراض فقاعة ائتمانية عادة ما تنتهي بالانفجار وترمي بالاقتصاد إلى الهاوية حيث يقوم المقرضون بستييل الأصول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كرد فعل، يقوم المشرع بكبح النمو الزائد في الإقراض عن طريق رفع سعر الفائدة، إلى أن تهدأ الأمور، ليبدأ الإقراض بالتسلق بطيئاً من جديد، وتبدأ العملية مرة أخرى، خصوصاً إذا ما عالج المشرع المشكلة عن طريق اتباع سياسات التيسير الكمي. بالطبع، هذه المراحل مبسطة جداً ولا تعكس طبيعة الاقتصاد المعقدة، حيث تدخل العديد من العوامل في الحسبان، سواء القريب منها أو البعيد.

بعد هذه المقدمة السريعة، ننتقل إلى الجزء الأكبر لكتابة مقال اليوم وهو قيام سوسيتيه جنرال -ثاني أكبر بنك في فرنسا- بنشر خريطة ائتمانية جميلة جداً تبين المراحل الاقتصادية التي مرت بها اقتصادات الدول المتقدمة والنامية في سنتي 2014 و 2015، بالإضافة إلى إيضاح الموقع الحالي لاقتصاد كل دولة على الخريطة، قام البنك باستحداث أربع مراحل يمر فيها الاقتصاد، وهي كالتالي:

Map

أ) لايوجد فقاعة: تتميز هذه المرحلة بأسعار أصول ثابتة، أو على الأقل غير متقلبة على المدى القصير، مما يسترد ثقة جهات الإقراض بالاقتصاد المحلي، فتقوم الشركات والبنوك بتقليل تسييل الأصول، ويبدأ الإقراض بالنمو بشكل طفيف كرد فعل للسياسات النقدية والمالية الناجحة للدولة.

ب) مرحلة الإقراض: في هذه المرحلة، تتحرك عجلة الاقتصاد وتبدأ الاستثمارات في النمو تدريجياً، فيقوم القطاع الخاص بزيادة الإقراض وتقليل الادخار، إلى أن تبدأ السياسة النقدية بالعجز عن كبح النمو الزائد في الإقراض، وهو ما يمثل الشرارة الأولى لفقاعة ائتمانية محتملة.

ج) تكوين الفقاعة الائتمانية وانفجارها: في هذه المرحلة، تتكون الفقاعة بشكل واضح وتبدأ الميزانيات بالانهيار بسبب فقدان الاصول لقيمتها تدريجياً، مما يحتم على المقرضين تقليل الإقراض، فتتوقف عجلة الاقتصاد عن الحركة، ويقوم المشرع باتباع سياسات تيسير كمي لتحفيز الاقتصاد مرة أخرى.

د) مرحلة التسييل: قد لا تكون السياسات النقدية كافية، مما يفرض على بعض المشرعين اتباع سياسات مالية تحفيزية أيضاً، إلى أن يبدأ الاقتصاد بالنمو تدريجياً إلى خط البداية، وهو غياب الفقاعة الائتمانية، والذي بدوره يأخذنا إلى المربع الأول وهو المرحلة الأولى المذكورة أعلاه.

بشكل عام، يتبين من الخريطة أن الفقاعة الائتمانية متكونة بالكامل في دول مثل كندا، الهند، الصين، والبرازيل، وأنها على وشك الانفجار، بينما تتجه اندونيسيا، استراليا، وكوريا الجنوبية نحو المراحل الأولى لتكوين الفقاعة الائتمانية، والتي يبدو في الوقت الحالي أنه لا مفر منها.

نُشرت بواسطة عبدالرحمن الفرهود

عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التجارية، وطالب دكتوراه حالياً في جامعة مانشستر، بعيداً عن الدراسه والعمل، أتداول في سوق الأسهم الأمريكي وسوق العملات الرقمية.